زيارة وفد علمي ليبي لمعهد الاستدامة والبصمة الكربونية بالقاهرة: تعاون استراتيجي نحو بناء القدرات في مواجهة التغير المناخي
في خطوة نوعية تعكس عمق العلاقات العلمية والبحثية بين مصر وليبيا، استقبل معهد الاستدامة والبصمة الكربونية بالقاهرة وفدًا رفيع المستوى من الخبراء الليبيين يتقدمه كل من:
أ . وضحة حمزة عقيلة فوناس مدير المركز الليبي لابحاث التغير المناخ– بنغازي.
الأستاذ الدكتور فتحي الهاشمي البشير، رئيس قسم العلوم والهندسة البيئية بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا – طرابلس.
وقد كان في استقبال الوفد السفير الدكتور مصطفى الشربيني، الرئيس التنفيذي لبيت الخبرة الدولي للاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة، ورئيس معهد الاستدامة والبصمة الكربونية في مصر، أحد أبرز الخبراء الدوليين في مجالات الحوكمة البيئية وإعداد تقارير الاستدامة والحياد الكربوني.
اللقاء: مسارات التعاون والتكامل
ناقش الطرفان خلال الاجتماع برامج بناء القدرات والتأهيل المهني في المجالات الحيوية ذات الصلة بالتغير المناخي، حيث اتفقوا على إطلاق ثلاث دورات تدريبية متخصصة تمنح شهادات مهنية معتمدة للمدربين، وهي:
التكيف مع التغيرات المناخية: لمواجهة آثار الاحترار العالمي على المدن الساحلية والقطاعات الزراعية والمائية.
ترشيد استهلاك المياه: في ظل تحديات ندرة الموارد المائية وزيادة الضغوط على حوض النيل والمياه الجوفية في ليبيا ومصر.
الطاقات المتجددة من إعادة تدوير المخلفات: بما يتيح تحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية مستدامة.
هذه المبادرات تمثل خطوة استراتيجية نحو تأهيل كوادر عربية قادرة على صياغة حلول مبتكرة لمعضلات التغير المناخي، مع التركيز على خصوصية البيئات المحلية في شمال إفريقيا.
خبرات معهد الاستدامة والبصمة الكربونية
يُعد معهد الاستدامة والبصمة الكربونية بالقاهرة أول مؤسسة متخصصة في مصر والعالم العربي تركز بشكل متكامل على البصمة الكربونية والاستدامة وتقييم المخاطر المناخية.
ويتميز المعهد بامتلاكه فريقًا من الخبراء الدوليين في:
تطبيق معايير GHG Protocol وISO 14064 لقياس وإدارة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تصميم استراتيجيات الحياد الكربوني وفق المعايير الدولية الحديثة.
إعداد تقارير الاستدامة وفقًا لتوجيهات GRI وIFRS S1 & S2 والمعايير الأوروبية CSRD.
دعم المؤسسات الصناعية والزراعية والخدمية في التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.
وعلي الرغم من حداثة المعهد الا ان بيت الخبرة الدولي للاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة وخبراءه المؤسسين قد اكسب المعهد مكانته الريادية من خلال العمل مع شركات صناعية كبرى ومؤسسات تعليمية وهيئات حكومية، مما أهّله ليكون بيت خبرة دوليا يسهم في وضع استراتيجيات الاستدامة على المستويين العربي والدولي.
منافع الشهادات الدولية للكوادر الليبية
تُعتبر الشهادات المهنية التي يقدمها المعهد جسرًا مهمًا للكوادر الليبية نحو التميز العلمي والمهني والعملي، حيث تمنح المتدربين:
اعتمادًا دوليًا يتيح لهم المشاركة في برامج التنمية المستدامة والمشاريع البيئية الممولة من مؤسسات دولية.
معرفة تطبيقية في مجالات إدارة الكربون والطاقة والمياه والمخلفات، مما يعزز قدرتهم على صياغة خطط وطنية للتكيف مع التغيرات المناخية.
فرصًا للتشبيك الدولي من خلال الارتباط بمؤتمرات كبرى مثل COP29 وCOP30، وكذلك المبادرات الأممية كـ اتفاقية باريس للمناخ.
إعداد مدربين محليين قادرين على نشر المعرفة وتدريب كوادر جديدة داخل ليبيا، بما يعزز الاستدامة المؤسسية للبرامج.
وبذلك، فإن الشهادات المهنية التي يحصل عليها المتدربون ليست مجرد وثائق أكاديمية، بل هي مفاتيح حقيقية للاندماج في الاقتصاد الأخضر العالمي.
نحو COP30: مشاركة ليبية ومصرية فاعلة
أحد أبرز محاور اللقاء كان التنسيق المشترك للمشاركة في مؤتمر الأطراف COP30 المزمع عقده في البرازيل عام 2025، حيث تم الاتفاق على:
تنظيم وفد مشترك من مصر وليبيا تحت مظلة معهد الاستدامة والبصمة الكربونية.
إقامة ورش عمل علمية مشتركة على هامش المؤتمر، تركز على تحديات شمال إفريقيا في المياه والطاقة والمخلفات.
عرض قصص نجاح عربية في تطبيق مشاريع الطاقة المتجددة والتكيف المناخي.
إبراز الدور القيادي للشباب والمرأة في برامج الاستدامة وبناء القدرات.
هذا التنسيق يعكس إيمان الجانبين بأن مؤتمرات المناخ لم تعد منصات دولية للتفاوض فقط، بل هي أيضًا ساحات لعرض التجارب الناجحة وبناء الشراكات الاستراتيجية.
ورش عمل مشتركة: من النظرية إلى التطبيق
إلى جانب الدورات التدريبية، اتفق الجانبان على إطلاق سلسلة من ورش العمل التطبيقية في بنغازي وطرابلس والقاهرة، تهدف إلى:
تعزيز وعي المجتمع بأهمية ترشيد استهلاك المياه في المناطق الساحلية والصحراوية.
تدريب كوادر هندسية على إدارة المخلفات وتحويلها إلى طاقة.
إعداد دراسات مشتركة حول البصمة الكربونية للمؤسسات الصناعية والزراعية.
دعم البلديات في وضع خطط الطاقة المتجددة المحلية بما يتماشى مع التشريعات الدولية.
أبعاد استراتيجية للتعاون
إن هذا اللقاء لم يكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل يمثل نقطة تحول في التعاون العربي–العربي، حيث يجمع بين:
الخبرة المصرية المتراكمة في التعليم المستدام والسياسات المناخية.
الحاجة الليبية الملحة إلى بناء مؤسسات بحثية قادرة على مواجهة آثار التغير المناخي في ظل الظروف البيئية والاقتصادية الحالية.
الرؤية المشتركة نحو تأسيس شبكة عربية للاستدامة تكون فاعلة في المحافل الدولية.
أكد السفير مصطفى الشربيني خلال اللقاء أن “التغير المناخي لا يعرف حدودًا سياسية، والتعاون الإقليمي هو السبيل الأمثل لمواجهته”. كما شدد على أن تأهيل المدربين العرب في مجالات المناخ والمياه والطاقة يمثل استثمارًا طويل الأمد في مستقبل المنطقة.
من جانبها، أعربت الدكتورة وضحة الوناسه عن تطلعها إلى أن يكون التعاون مع معهد الاستدامة بالقاهرة “بوابة لانطلاقة جديدة للمركز الليبي لأبحاث التغير المناخي”، مؤكدة أن ليبيا بحاجة ماسة إلى كوادر مؤهلة قادرة على صياغة حلول واقعية.
فيما أشار الأستاذ الدكتور فتحي الهاشمي إلى أن التعاون البحثي والتدريبي بين الأكاديمية الليبية والمعهد المصري سيفتح المجال أمام مشاريع مشتركة في الطاقة والمخلفات، وهو ما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الليبي.
بهذا اللقاء، يتجدد التأكيد على أن المعرفة هي السلاح الأهم لمواجهة تحديات المناخ، وأن بناء القدرات العربية المشتركة هو السبيل لتحقيق تنمية مستدامة قادرة على حماية الأجيال القادمة.




